الطبقية فى المجتمع المصري القديم
من أكبر أخطاء العقيدة عند المصريين القدماء، هى أنها كانت عقيدة طبقية أرستقراطية، فرغم أن عقيدة البعث والخلود عقيدة صحيحة تمامًا – من حيث الأصل مع اختلاف تفاصيلها مع الإسلام – وهى لا شك مأخوذة من دين سماوى صحيح، إلا أنه شابها من الشوائب ما شابها.
الطبقية وعقيدة البعث والخلود
ومن أكبر علامات الطبقية التى تسللت إلى هذه العقيدة هى فكرة دفن متعلقات الميت معه فى قبره، وطبعًا كل واحد يدفن معه المتعلقات التى تناسبه بحسب درجة غنائه أو فقره، فكان الأغنياء يدفنون معهم كميات ضخمة من الذهب للاستعانة بها على الحياة فى العالم الآخر – بحسب زعمهم- !!
عقيدة الخلود مع الذهب
وكانوا يعتقدون أن تحنيط الجثة يضمن بقاءها وإعادة بعثها فى العالم الآخر. والمتعلقات وبخاصة الذهب ستعينه على الحياة فى ذلك العالم وهذا غلط كبير ،مهما كان مبرره، لأن الله خلق المال – وعلى رأسه الذهب – لتسيير حياة الناس. ولتداوله بين البشر، قال تعالى : ( كى لا يكونَ دُولةً بين الأغنياء منكم) [ سورة الحشر : الآية 7 ] وليس لدفنه فى المقابر وحرمان الناس منه، وتجميد حركة الحياة. لأن الله خلق المال للناس جميعًا، فاستأثرت به طبقة معينة لنفسها دون الآخرن!!
الطريق إلى الذهب
وبالتالى – وكرد فعل عكسي – سينشأ طبقة عريضة من الشعب فقيرة بل وناقمة على طبقة الأغنياء الأنانيين. وبالتالى لن يكون أمامها مصدر للثراء – كالآخرين – إلا نبش القبور، وهذا أمر يجب أن نتفهمه جيدًا بمعايير زمنه.
ضاع الذهب وأضاع معه كل شئ
وللأسف هذا الخطأ المزدوج هو الذى أدى إلى ضياع أهم آثار مصر، فلولا الاستئثار بالذهب ودفنه فى غياهب القبور المحصنة بالصخور وفى أعماق الأرض، لما نبش اللصوص القبور ولتركت المومياوات وباقى الآثار الفخارية أو الأقمشة أو الخشبية أو غيرها ، ولصارت باقى تلكم الآثار محفوظة ومصانة حتى الآن!! ولم يمنع تحصين القبور داخل الأهرامات ، ولا تحت المصاطب، ولا فى أعماق الأرض فى وادى الملوك وغيرها لم تمنع لصوص المقابر من نبشها طالما كان بريق الذهب يتلألأ فى مخيلة اللصوص المغامرين!!
بين علماء الآثار ولصوص المقابر
وهنا نجد أن علماء الآثار المعاصرين يندمون – شر الندم – على ضياع هذه الثروة الثمينة والضخمة من الذهب والمقتنيات والمومياوات المصرية القديمة عبر آلاف السنين، والتى لو وصلتنا لكان حال مصر بغير هذا الحال!!
ولكن …
لماذا ننقم على أولئك اللصوص القدامى الذين نبشوا القبور وسرقوا الذهب، من أجل تحسين أحوالهم المعيشية، أو حتى من أجل وهم الثراء..
فقد نشأت طبقة لصوص حاليين – من العامة بل ومن المسئولين الكبار – يفعلون نفس الشيء، يسرقون الآثار – والذهبية منها على وجه الخصوص – ويهربونها ويستأثرون بها لأنفسهم، من دون الناس!!
وحتى لو لم يفعلها هؤلاء فماذا سيكون مصير الذهب؟ أليس كانت الدولة أخذته ووضعته فى متحف وباعت بعضه أو أهدت بعضه أو أو …
وكما ضاع المصري القديم … بين عقيدة طبقية فاسدة أسسها كهنة مستفيدون من ذلك، وبين سلوك منحرفين لصوص. كذلك يضيع المواطن المصرى الحديث الذى لم يعد له نصيبٌ من ثروة بلده إلا السماع … والافتخار بالأوهام وبما لم تراه عيناه، ولم يستفد منه شيئًا فى حياته ومعاشه..
فكما كان من المصريون القدماء من هم طبقيون ولصوص، أيضا هناك من المصريين المعاصرين من هم طبقيون ولصوص !
وعلى رأى المثل .. يا عزيزى كلهم لصوص!!