ما هى المراهقة ؟
المراهقة هي إحدى المراحل العمرية التي يمر بها كل إنسان في رحلة حياته.
وهي تكتسب صفة الخصوصية نظرا” للتغيّرات والتحوّلات الداخلية التي تحدث خلالها على مستوى الشخصية ، حيث تعتبر المراهقة من أكثر مراحل العمر حساسيّة.
وهي تفرض – في الكثير من الأسر – حالة من التوتّر والشجار نظرا” لصعوبة تخطّيها بسلام في حال عدم وجود الوعي الكافي بخصائصها من قبل الأهل والمربّين.
ويمكننا تشبيه مرحلة المراهقة بالمرحلة البرزخية التي تتوسّط مرحلتيّ الطفولة والرشد.
وقد اعتبرها البعض أنها فترة عاصفة وتوتّر شديد، في حين صنّفها بعض العلماء بأنها مرحلة ولادة جديدة – ميلاد نفسي جديد .
المراهقة فى ظل أزمة كورونا
وفي ظل جائجة كورونا وما فرضته من تغيير في نمط العيش والحياة سيما على مستوى الحجر المنزلي، نلحظ أن الأمر قد ازداد صعوبة على مستوى هذه المرحلة بحيث أنها قد تكون الأكثر تأثّرا” بالمستجدّات الراهنة التي أفرزتها الكورونا على مستوى باقي المراحل العمرية .
في هذا المقال لن نغوص في بحر ما يحيط بهذه المرحلة من خصائص وتغيّرات كثيرة على كافة المستويات>
إنما سنتوقّف لنبحث ونسلّط الضوء على المجالات التي تتأثّر وتزداد صعوبة لدى المراهقين من جراء ما نعيشه خلال أزمة كورونا :
المراهقة والتمرد على السلطة الأبوية
1- لعلّ من أبرز خصائص المراهقين التي تتأثّر وتتصادم مع ظروف الحجر هو الميل نحو التمرّد على السلطة ( أهل – مدرسة … ).
هذا الميل يبرز لديهم من منطلق رؤيتهم أنهم قد أصبحوا كبارا” ولا يحتاجون إلى تدخّل أي سلطة في شؤونهم، في حين أن الظروف الحالية التي نعيشها من جراء الكورونا تفرض تواجدهم طوال الوقت داخل المنزل.
مما يجعلهم في صدام مع الأهل ويفرض تلقّيهم للإنتقادات أو التعليمات التي يتفرون منها.
سيما في ظلّ افتقار الأهل للثقافة المطلوبة في كيفية التعاطي مع هذه المرحلة، كل هذا من شأنه أن يفرض حالة من التوتّر المتبادل بين المراهقين وذويهم، ويزيد من حدة المشاحنات في المنزل خلال هذه الفترة .
المراهقة ثورة على التقاليد
2- من خصائص مرحلة المراهقة أيضا”، الميل نحو انتقاد المجتمع والثورة على التقاليد والمعتقدات.
وفي الظروف الراهنة قد يشكّل ذلك خطرا” عليهم وعلى من حولهم، في حال توجّههم إلى رفض الإلتزام بإجراءات السلامة والوقاية التي تقتضيها جائحة الكورونا .
3- كما أن المراهقين يميلون نحو التعلّق الشديد بالأصدقاء، حيث نجدهم بحاجة إلى التفاعل الإجتماعي مع رفاقهم ويرغبون في التواجد معهم أكثر من تواجدهم مع الأهل.
في حين أن ظروف الحجر والإقفال قد منعتهم من تحقيق هذا الميل الطبيعي الذي لم تسدّ الفراغ فيه بالكامل لا وسائل التواصل الإجتماعي ولا العلاقات الإفتراضية عليها، مما يزيد في تأزّمهم وفي توتّر الأجواء من حولهم .
4- من سمات المراهقين أيضا” الميل نحو إثبات الذات، فهم يريدون الإستقلال عن الأهل بقراراتهم ويرغبون بالإستقلال عنهم في المكان أيضا”.
وهذا ما يشكّل لديهم صراعا” داخليا” قويا” سيما وأنّهم غير قادرين على الإستغناء عن الأهل والإعتماد على الذات من الناحية المادية، وما يزيد الحالة تعقيدا” الظروف الراهنة بكل تداعياتها .
الأسرة بين مطرقة المراهقة وسندان كورونا
5- من المهم أن نلحظ أيضا” الوضع الإقتصادي الضاغط الذي أتى متزامنا” مع جائحة الكورونا، وما يُشاع ويُتناقل عبر وسائل الإعلام ومن قبل جميع المحيطين عن تراكم صعوبة الظروف وانعدام فرص العمل وغير ذلك.
مما يُشعر المراهق بخيبة الأمل والقلق وعدم الأمان خوفا” من المستقبل الذي يتعارض مع تحقيق طموحاته وميوله،
وقد يتسبّب ببعض الإضطرابات منها اضطرابات النوم، العصبية الزائدة، القلق، الإكتئاب وغير ذلك .
6- على المستوى الإنفعالي أيضا” يتّسم المراهقون بشدة الإنفعالات وعدم ملاءمة الموقف مع ردة الفعل الإنفعالية، إضافة إلى تقلّب المزاج والميل نحو الحزن والتعب النفسي أحيانا”.
مع الإشارة إلى أن عدم إحاطة الأهل للمراهقين بالأجواء الداعمة بشكل عام وفي ظروف كورونا والحجر الصحي بشكل خاص.
لا بد وأن يزيد من حالة الضيق والإعياء النفسي ويولّد لديهم الكثير من السلوكيات الإضطرابية .
-
ماذا يمكننا أن نفعل للتخفيف من أزمة أبنائنا المراهقين ؟!
-
مسؤوليتنا كأهل :
من المهم جدا” وعيّ الأهل بخصائص مرحلة المراهقة كما وعيهم بخصائص كل المراحل العمرية.
فإن ذلك يساعد في تربية الأبناء بشكل سليم.
ومن المفيد أيضا” أن يكون الأهل قد مهّدوا لاجتياز هذه المرحلة عند ولدهم بأمان ودون أزمات.
من خلال بناء جسور الثقة والحوار منذ الصغر حتى إذا بلغ أعتاب المراهقة لا يجد صعوبة في الرجوع إلى أهله لأي استفسار أو عند شعوره بأية مشكلة.
فأبواب الحوار مفتوحة أمامه وقد تعوّد عليها، مما يجنّبه الشعور بأي حرج في الحديث والتعبير ويسهّل عليه عبور المرحلة بسلام .
-
توجيهات مساعدة في التخفيف من التوتّر الحاصل :
إنّ تقرّب الأهل من أبنائهم المراهقين والتعامل معهم كأصدقاء غاية في الأهمية في هذه المرحلة، مع ضرورة تجنّب فرض الأوامر عليهم .
-
أهمية تفعيل الدعم المعنوي والمعرفي من قبل الأهل لاجتياز المرحلة .
-
التوضيح للمراهقين أن حالة القلق والضيق التي يعيشونها هي طبيعية على مستوى خصائص المرحلة العمرية وعلى مستوى الظروف الراهنة ( الكورونا – الوضع الإقتصادي … )، إلاّ أن هذه المرحلة آنية ولن تدوم .
-
ضرورة مساعدة المراهق في خلق برنامج يومي متنوّع بالأنشطة التي تتناسب مع ميوله وقدراته .
-
أهمية تشجيع أبنائنا المراهقين على التواصل والتفاعل الدائم مع أصدقائهم من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، مع أهمية أن يكون لهم لقاءات بالصوت والصورة معا”.
-
تشجيعهم على ممارسة الهوايات المختلفة وبشكل خاص الرياضة .
-
تشجيعهم على تخصيص أوقات للأعمال والأنشطة الجماعية مع أفراد الأسرة .
-
توجيههم للتخطيط من أجل المرحلة المقبلة بأمل وإيجابية، مع التشجيع الدائم وبثّ التفاؤل بأننا سنجتاز المرحلة الصعبة التي نعيش فهي ليست دائمة .
صفحتنا على فيسبوك > حبيبة دوت كوم