لكي تجني العسل لا تحطم خلية النحل
في السابع من شهر مايو عام 1931 اُعتقل في مدينة نيويورك سفاح طاغية لم تشهد المدينة منذ نشأتها مجرما في مثل عتوه وجبروته :ذلك هو ” كرولي ذو المسدسين”
القاتل الذي لم يدخن أبدا ولم يشرب الخمر قط !
في ذلك اليوم ضرب خمسمائة رجل من رجال الشرطة الأشداء سياجا صارما حول منزل عشيقته وحاولوا إجلاء ” كرولي ” عنه بواسطة الغازات المسيله للدموع.
فلما خابت هذه المحاوله صعدوا بمدافعهم الرشاشة إلى أسطح المنازل المجاورة وجعل حي “وست أند ” الأنيق في قلب نيويورك يهتز لهزيم المدافع ساعة كاملة !
وعندما اعتقل كرولي صرح قائد الشرطة بقوله: ” إن ذا المسدسين ” من أخطر المجرمين الذين عرفتهم نيويورك لقد كان يقتل لمجرد قذفة بريشة طائر .
ولكن …… كيف كان كرولي ينظر لنفسه ؟!
بينما كان رجال الشرطة منهمكين في إطلاق النار على المنزل الذي احتمى به كان كرولي عاكفا على كتابة خطاب موجه إلى ” كل من يهمه الأ” وقد جاء فيه :
” إن بين جوانحي قلبا محيرا ولكنه رحيم …. قلبا لا يحمل ضغينة لأحد ولا يبغي شرا لمخلوق ” !!
وقد حكم على كرولي بالإعدام على الكرسي الكهربي .
فلما جئ به إلى غرفة الإعدام في سجن ” سنج سنج ” لم يقل : ” هذا جزائي على ما سفكت من الدماء البريئة ” وإنما قال :”هذا هو جزائي على دفاعي عن نفسي “!!
والمغزى الذي أريد الوصول إليه من هذه القصة هو أن كرولي ذا المسدسين لم يلم نفسه أبدا !
فهل كان كرولي – في ذلك- بدعا في القتله والسفاحين ؟
استمع إلى هذا :” لقد قضيت زهرة حياتي أتحف الناس بما يسري عنهم ويجزي أوقات فراغهم فكان جزائي على هذا سعى رجال الشرطة إلى سفك دمي !” من تظن قال هذا ؟ إنه ” آل كابوني ” عدو الشعب رقم 1 وزعيم أعتى عصابة إجرامية ظهرت في شيكاغو ! إن كابوني لم يلم نفسه أبدا على جرائمه بل نظر إلى نفسه كمصلح اجتماعي لم يقدره الناس ولم يحسنوا فهمه !
وكذلك كان ” شولتز الهولاندي ” وهو من أشهر المجرمين الذين عرفتهم نيويورك . فقد صرح يوما لأحد الصحفيين بأنه ” مصلح اجتماعي ” ولم يكن يساوره الشك قط في صحة اعتقاده هذا !
وقد جرت بيني وبين ” لويس ” مدير سجن ” سنج سنج ” مراسلات طريفة في هذا الشأن فكتب لي مرة يقول : ” قل أن تجد بين المجرمين من ينظر إلى نفسه كشرير أثيم . إن نظرة هؤلاء السجون إلى أنفسهم لا تقل شيئا عن نظرتك إلي نفسك . وهم يستعينون بمنطقم الخاص في تبرير جرائمهم مؤكدين أنه لم تكن ثمة حاجة على الإطلاق إلى اعتقالهم وإيداعهم السجون !
فإذا كان ” آل كابوني ” و” كرولي ذو المسدسين ” و”شولتز الهولاندي ” وأمثالهم من القتله والأشرار لا يلومون أنفسهم أبدا فكيف نتوقع من الناس ” المحترمين “الذين تتصل بهم أنت وأتصل بهم أنا أن يقبلوا اللوم ؟!
*************
انشغل بإصلاح عيوب نفسك
صرح لي ” جون وانا ميكر” المالي المعروف بقوله ذات مرة ” لقد علمتني تجارب 30 عاما أن من الحماقة أن تلوم أحدا ومن ثم شغلت بإصلاح غيوب نفسي عن التحسر على أن الله سبحانه لم يشأ أن يوزع موهبة الذكاء بالعدل والقسطاس بين الناس !!”.
تعلم ” وانا ميكر ” هذا الرس مبكرا أما أنا فقضي على أن أتخبط في هذه الدنيا الأزلية مدى ثلث قرن من الزمان قبل أن أقع على هذه الحقيقة : وهي أن تسعين في المائة من الناس لا يلومون أنفسهم على شيء بالغا ما بلغ من الخطأ !
فاللوم عقيم لأنه يضع المرء في موقف الدفاع عن نفسه ويحفزه إلى تبرير موقفه والذود عن كبريائه وعزته .
وفي وسعك أن تجد ألف مَثَل على عُقم اللوم مسطرة في ألف صفحة من صفحات التاريخ !
خذ مثلا ذلك النزاع الذي نشب بين ” ثيودور روزفلت ” والرئيس ” تافت ” فعندما غادر ” روزفلت ” البيت الأبيض في عام 1908 في طريقة إلى أفريقيا ليصيد الأسود أناب عنه ” تافت ” في تصريف شئون الرياسة ولما عاد روزفلت من رحلته أوشك أن ينفجر غيظا وحنقا ! وصب اللوم على ” تافت “و انتقد تقاعسه وانزوائه في الوقت الذي اقترب فيه موعد الانتخابات لرياسة الجمهورية !
*************
لوم الآخرين قد لا يجدي نفعًا
وكان روزفلت على حق في لومه وانتقاده فما إن جرت الانتخابات حتى هزم الحزب الجمهوري برياسة روزفلت هزيمة شنعاء ! .
فهل ترى لام ” تافت ” نفسه ؟! كلا ! بل قال والدموع ملء مآقته : ” إنني لا أتصور أن ما فعلته يفترق في شئ عما كان ينبغي لي أن أفعله ! ”
فعلى من يقع اللوم حقيقة : روزفلت أم تافت ؟ الواقع أنني لا أدري ولا يعنيني أن أدري ولكن الغرض الذي أسعى إليه هو أن اللوم لم يقنع تافت بأنه كان على خطأ بل جعله يحاول تبرئة نفسه والدموع في عينيه !
*************
المخطئ يلومه الجميع إلا نفسه!
و خذ مثلا آخر فضيحة إلى ” ألبرت فول ” وزير الداخلية في عهد رياسه “هاردنج” بتأجير احتياطي الحكومة الأمريكية من البترول في منطقة ” إلك هل وتيبوت دوم ” وهو البترول الذي كان مخصصا لاستعمال البحرية الأمريكية على أن ” فول” بدلا من أن يبيح التنافس الحر على هذه الصفقة سلم العقل الدسم توا لصديقه الحميم ” إدوارد روهني ” وماذا فعل ” روهني ” لقد أعطى الوزير ” فول ” ما كان الأخير يفضل أن يسميه ” قرضا ” مائة ألف دولار !
ثم أمر الوزير ” فول ” القوات الأمريكية بإبعاد أصحاب آبار البترول المجاورة للآبار الحكومية إذ كانت الآبار الأولى تسحب البترول من الاحتياطي في ” إلك هل”
فما كان من أصحاب تلك الآبار إلا أهرعوا إلى القضاء يشكون ” فول” وكشفوا النقاب عن فضيحة المائة ألف من الدولارات …… وسرعان ما هب استنكار الشعب قويا جامحا فحطم رياسة ” هاردنج ” وهدد بتحطيم الحزب الجمهوري وزج بألبرت فول في السجن !
فلما سقط الوزير ” فول ” هذه السقطة الشنيعة التي قل أن سقطها أحد الساسة فهل تراه ندم ولام نفسه على ما فعل ؟! أبدا !….. فبعد ذلك بسنوات ألقي الرئيس ” هوفر ” خطابا عاما جاء في سياقه أن موت الرئيس ” هاردنج ” يعزي للصدمة العنيفة التي سببها خيانة صديق له !
فلما سمعت زوجة ” فول ” ذلك – وكانت بين المستمعين – هبت من مقعدها وهي تبكي وتلوح بقبضة يدها وصرخت : ” ماذا تقول ؟ زوجي خان هاردنج ؟ كلا إن زوجي لم يخن أحدا إن ملء هذا المكان ذهبا لم يكن ليغري زوجي بالخيانة إنه الشخص الذي خانة الناس وأفضوا به إلى الموت والاستشهاد ” .
إنما طبيعة الإنسانية ! المخطئ يلومه كل امرئ إلا نفسه !!
و إذن عندما يخطر ببالك أن تلوم شخصا عليك أن تتذكر ” آل كابوني ” و” كرولي ذا المسدسين ” و” ألبرت فول ” واذكر أن اللوم كالطيور القريبة من ديارها ترتد دائما إلى ديارها ! .
*************
في صبيحة يوم السبت 15 إبريل عام 1885 رقد ” إبراهام لنكولن ” يعاني سكرة الموت في مسكن حقير أمام مسرح ” فورد ” حيث رماه ” يوث ” بالرصاص .
وإذ رقد لنكولن على فراش الموت قال ” ستانتون ” وزير الحربية في ذلك العهد : ” هنا يرقد أكمل حاكم عرفته الدنيا منذ بدء الخليقة ! ”
فما كان سر نجاح لنكولن في معاملته للناس ؟
هل كان مغرما بلوم الناس ؟ نعم عندما كان صبيا في ” وادي بيجون كريك ” بولاية أنديانا -مسقط رأسه – ولم يكن يلوم حينذاك وحسب بل كان يكتب الرسائل والقصائد التي يهزأ فيها من الناس ثم يلقي بها في معرض الطريق حيث لابد للنظرة من الوقوع عليها ! وقد تسببت إحدى تللك الرسائل في إثارة نزاع استمر عمرا بأكمله !
بل حتى أن أصبح لنكولن محاميا متنقلا بين ” سبرنج فيلد ” و” الينوي ” أراد أن يهاجم خصومه علنا في خطابات تنشرها له الصحف ولكنه لم يفعل ذلك سوى مرة واحدة !
ففي خريف عام 1842 عرض لنكولن بسياسي أيرلندي متعجرف يدعى ” جيمس شيلدز ” إذ ديح مقالا ملاه بالهزئ والسخرية عن ذلك السياسي العتيد ونشره في صحيفة ” سبرنج فيلد ” دون أن يمهره بإمضائه وضجت البلدة بالضحك في حين امتلأ ” شيلدز ” غضبا ونقمه وراح يجد في معرفة كاتب المقال حتى عرفه فطلبه للمبارزة ! ولم يكن لنكولن يريد القتال ولكنه لم يستطع الانسحاب إرضاء لكرامته وفي اليوم المحدد للنزال التقى الخصمان على ضفة نهر المسيسبي وقد اعتزما القتال حتى يقتل أحدهما على أن شاهديهما تدخلا في اللحظة الأخيرة وسعيا إلى عقد الصلج وأبطلا المبارزة !
تلك كانت النقطة السوداء الوحيدة في حياة لنكولن .
و قد علمته درسا لا ينسى في معاملة الناس فلم يكتب بعدها خطابا مهينا لأحد ولم يسخر من أحد ولم يلم أحدا كائنا ما كان السبب .
وفي خلال الخرب الأهلية وضع لنكولن عددا من القادة على رأس جيشه – جيش الشمال -فلم يسلم أحد من التهور والطيش . وهب نصغ الشعب ينتقد هؤلاء القادة الحمقى ولكن لنكولن لم يوجه لأحدهم كلمة لوم وكان يردد دائما قوله المأثور : ” لا تلم أحدا عساك ألا تلام ! ”
وعندما كانت زوجته وغيرها من ذوي قرباه يحملون على أهل الجنوب كان لنكولن يجيب : ” لا تلوموهم فقد كنا بأن نفعل مثلما فعلوا لو كنا في مثل ظروفهم ” !
ومع ذلك فلو أن إنسانا خول الحق ليلوم كيف شاء لما كان ذلك سوى لنكولن ولنضرب على ذلك مثلا :
بدأت معركة ” جتيسبرج ” في اليوم الأول من شهر يوليو سنة 1873 وفي المساء الرابع من يوليو بدأ الجنرال ” لي ” قائد جيش الجنوب في التقهقر جنوبا بينما كانت الأمطار تغمر البلاد بطوفان شديد فلما وصل ” لي ” إلى بلدة ” بوتوماك ” بجيشه المنهزم وجد أمامه نهرا طافحا لا يمكن عبوره ومن خلفة يربض جيش الشمال !
كان ” لي ” في مأزق لا يستطيع منه فرارا وعرف لنكولن ذلك وأدرك أنها فرصة ذهبيا هيأتها له الأقدار ليأسر جيش ” لي ” وينهي الحرب وأبرق لنكولن بأوامره إلى جيشه ثم أرسل مبعوثا خاصا إلى القائد ” ميد ” يطلب إليه الإسراع بالعمل . فماذا فعل ” ميد ” ؟ لقد راح يسوف ويمطل وأبرق إلى لنكولن يعتذر بشتى الاعتذارات ورفض في النهاية أن يهاجم ” لي ” !
وأخيرا انحسر الماء عن النهر الطافح وتمكن ” لي ” من النجاة بقواته !
واحتدم غضب لنكولن يومها وصرخ في بنه ” روبرت ” : ” يا إلهى ! ما معنى هذا ؟ لقد كانوا في قبضة يدنا وبرغم ذلك فإن كا ما قلته لم يستنهض الجيش إلى العمل ! ”
وجلس لنكولن في خيبة أمل مريرة وكتب هذا الخطاب إلى ” ميد ” :
” عزيزي الجنرال ”
” لا إخالك تقدر مبلغ سوء الطالع الذي ينطوي غليه فرار جيش الجنرال ” لي ” لقد كان في قبضة يدنا ولو أننا أطبقنا عليه لوضعنا لهذه الحرب حدا وأمت والحال هذه فالحرب لا محالة ستطول إلى أجل لا يعلم إلا الله منتهاه فإذا كنت لم تهاجم ” لي ” وأنت آمن يوم الاثنين الماضي فكيف بالله يمكن أن تهاجمه جنوبي النهر حيث لا يسعك إلا أن تأخذ معك نفرا قليلا من رجالك ؟ لم يعد من المتوقع أن تفعل الآن شيئا ذا بال لقد فاتتك الفرصة الذهبية إن ذلك ليسوئني الإساءة ! ”
ولكن ” ميد ” لم يطلع على هذا الكتاب قط ! فإن لنكولن لم يرسله ! وقد وجد بين أوراقه بعد موته !
أما أنا فأظن – وهذا مجرد استنتاج – أن لنكولن بعد ان كتب خطابه هذا نظر من خلال النافذة وراح يحدث نفسه قائلا : ” لحظة واحدة لا يحق لي أن أسرع بلوم ” ميد ” فإن من المهين أن أجلس هنا في الدفء ” البيت الأبيض ” وآمر ” ميد ” بالهجوم ولكنني لو كنت في ” جيتسبرج ” ورأيت من الدماء الجارية وسمعت من أنات الجرحى وحشرجة الموتى مثلما رأى ” ميد ” وسمع فربما كنت أفعل ما فعله ! وعلى أي حال فما زال النهر طافحا قرب الجسر وإذا أنا أرسلت الخطاب الآن فقد يزيح ذلك هما عن صدري ولكنه سيجعل ” ميد ” يحاول تبرئة نفسه وتبرير تصرفه ومن يدري ؟ فقد يحاول أن يلومني أنا ؟ وقد يستقيل من الجيش ؟ ومن ثم وضع لنكولن خطابه جانبا لأن التجربة علمته أن اللوم ضائر لا محالة إلى عقم مؤكد ! .
وقد أثر عم الرئيس ” تيودر روزفلت ” أنه كلما واجهته مشكلة محيرة كان يسند ظهره إلى مقعده فوق مكتبه بالبيت الأبيض ويسأل نفسه ” ترى ماذا كان لنكولن يفعل لو أنه كان في مكاني ؟ كيف كان يحل هذه المشكلة ؟ ”
***************
هل في ذهنك الآن شخص ترغب من صميم قلبك أن تقوم طباعة وتهذب خلقة وتهديه سواء السبيل ؟! إذا كان الأمر كذلك فهذه أريحية تشكر عليها ولكن ….. لم لا تبدأ بنفسك أولا ؟ فمن وجهة النظر الغريزية الاهتمام بالنفس أحب بكثير من الاهتمام بالغير وأقل خطرا كذلك ؟
قال ” براوننج ” : ” عند ما تبدأ معركة المرء بينه وبين نفسه فهو عندئذ شخص يستحق الذكر ” .
ما قولك في أن تخصص عاما كاملا – مثلا – لإتمام نقص نفسك وتصحيح عيوبها ؟! ولك بعد هذا أن تخصص الأعوام التالية لتقويم الناس وتهذيب خلقهم .
ولكن أتمم نقصك أولا .
قال ” كونفشيوس ” : ” لا تتبرم بالجليد المتراكم على عتبة جارك قبل ما تراكم على عتبتك أولا ! ” .
عندما كنت فتى يافعا حاولت جاهدا أن ألفت الأنظار إلى إرضاء لغروري وأنانيتي فكتبت يوما رسالة إلى ” ريتشارد هاردنج ديفينر ” وكان بومئذ مؤلفا ذائع الصيت . قلت له فيها : إنني أعد مقالا لإحدى المجلات عن مشهوري المؤلفين ثم رجوته أن يفضي على بطريقته في التأليف وكنت قد تلقيت قبل ذلك رسالة من كاتب شهير ذيلت بهذه الحاشيه ” أمليت ولم تراجع ” فوقعت هذه الحاشيه من نفسي موقعا عميقا وأحسست أن الكاتب لابد أن يكون كثير العمل عظيم الشأن ولكنني أردت أن أقع من نفسي ” ديفيز ” هذا الموقع فختمت رسالتي إليه بهذه الحاشية ” امليت ولم تراجع ” ! .
ولم يتكلف ” ديفيز ” عناء الرد على رسالتي واكتفى بأن ردها إلى برجوع البريد وعليها هذه العبارة ” إن سوء أدبك لا يفوقه إلا سوء أدبك ” ولا شك بأنني أستحق هذا التأنيب ….
و لكني بشر ولهذا امتعضت وثرت ثورة مضريه حتى إنني حين قرأت نعي ” ديفيز ” بعد ذلك بغشر سنوات -و كم يخجلني ” أن أقول هذا ! – لم أشعر غير الألم الذي سببته لي عبارته ! .
ينبغي ان تذكر في معاملتك مع الناس أنك لا تعامل أهل منطق بل أهل عواطف وشعور وأنفس حافلة بالأهواء ملأى بالكبرياء والغرور .
واللوم شرارة خطيرة في وسعها أن تضرم النار في وقود الكبرياء ….. وأن تضرمها نارا قد تعجل بالموت أحيانا ! .
ولقد حدا النقد بالروائي الشهير ” توماس هاردي ” الذي قدم للأدب الأنجليزي ثروة طائلة إلى الكف عن كتابة القصص إلى الأبد كما دفع الشاعر الإنجليزي المرهف الحس ” توماس شاترتون ” إلى الانتحار ! .
وكان ” بينامين فرانكلين ” في شبابه تنقصه اللباقة والكياسه في معاملة الناس ثم اشتهر بعد ذلك بلباقته التي رشحته لمنصب سقير أمريكا في فرنسا ….. فما سر تحوله ؟
لقد صهرته التجارب حتى أدرك عقم اللوم فقال قولته المأثورة ” سو لا أتكلم بسوء عن أحد بل سأتكلم عن الخير الذي أعرفه في كل إنسان ” .
***************
إن أي أحمق يسعه أن يلوم وأن يهتم وأن ينتقد بل هذا ما يفعله أغلب الحمقى فدعنا بدلا من أن نلوم الناس نحاول أن نفهم وننتحل لهم الأعذار فيما فعلوا وهو يعقب الشفقة والرحمة والاحتمال ولنذكر قول الدكتور ” جومسون ” : ” إن الله لا يحاسب إنسانا إلا بعد أن ينتهي أجله ” .
فلماذا نعجل أنا وأنت بمحاسبة الناس ؟! .
التنبيهات/التعقيبات